بخصوص الدعوات الموجودة هذه الأيام بشأن التصدى لظاهرة التحرش و التى انتشرت بشكل كبير - فى إطار منظومة إنفلات أخلاقى و سلوكى يرجع لعقود طويلة و لأسباب كثيرة فى تقديرنا - و عموما فإن ظاهرة التحرش هى ظاهرة مرفوضة بلاشك
و كيفية التصدى لها يمكن أن يكون من خلال العديد من الوسائل و التى يمكن مناقشتها فى مقالات أخرى و لكن ما أود الحديث عنه الآن و مالفت نظرى بالفعل بعض الآراء و التى تتسائل من خلال بعض وسائل الإعلام و الإنترنت و التى تطرح سؤالا مضمونه ما الفارق إذن بين جماعة الأمر بالمعروف و التى تم الهجوم عليها و رفض الفكرة فى وجودها أساسا و بين مجموعات المتطوعين الذين يمنعون المتحرشين عن البنات .
أى أنه بعيارة اخرى فإن من يطرحون السؤال بريدون القول لما كان رفض مسألة وجود جماعة للامر بالمعروف فى مصر بالرغم من الإستحسان - أو على الاقل عدم الرفض - المجتمعى لبعض الشباب الذين قاموا بالتصدى للمتحرشين خلال الأيام الماضية , و كأن من يطرحون التساؤل يقولون أن المسألة أو الدور متشابه بين الإثنين فلماذا الرفض إذا لمن سموا أنفسهم جماعة الامر بالمعروف و النهى عن المنكر باليد و عدم رفض المجتمع ما قام به بعض المتطوعين الذين دافعوا عن الفتيات ضد التحرش ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
و ذلك على الرغم من أن الدور واحد فى الحالتين - من وجهة نظر المتسائلين .
و أنا أود أن أقول لهم أن دور من سموا أنفسهم جماعة الامر بالمعروف مختلف جذريا و من العديد من النواحى عا قام به بعض المتطوعين ضد المتحرشين
و جوهر الإختلاف و لعل من أهم الإختلافات أن المتطوعين الذين يتصدون للمتحرشين هم يدافعون عن فئة فى حاجة إلى الحماية فى المجتمع و هم بعض البنات و الصغيرات اللائى تعرضن للتحرش من بعض المتحرشين - و الذين هم فى عرف القانون و المجتمع مجرمون - أى أنهم يتدخلون كطرف فى علاقة بين فئة أو مجموعة فى حاجة للحماية و بين مجموعة من المجرمين و البلطجية أحيانا .
أما من سموا أنفسهم جماعة الأمر بالمعروف فإنهم يتدخلون فى العلاقة بين الإنسان و بين ربنا - و شتان ما بين الفارق فى الحالتين بين من يتدخل لحماية شخص فى حاجة للحماية من بلطجى أو مجرم و بين شخص يتدخل فى العلاقة بين الناس و بين الخالق فالعمل الأول عمل نبيل بلا شك , أما الثانى فهو تطفل .
كما أن التطوع من بعض من قاموا بالتصدى للمتحرشين هو عمل محدد حاولوا التطوع من أجله و هو حماية من هن فى حاجة للحماية ضد مجرمين من أفعال محددة ألا و هى التحرش - و التى هى مستهجنة عرفا و محرمة قانونا .
أما من أسموا نفسهم جماعة الأمر بالمعروف فإن نطاق عملهم لم يكن محدد المعالم فهم الذين يحددون ما هو فى نطاق المعروف و ما هو فى نطاق المنكر و هم أيضا من سوف يحددون آلية التعامل معه و هو إختلاف جذرى و جوهرى أيضا
و فى النهاية و بالنسبة للمتبنين لوجهة النظر القائلة بإزدواجية معايير المجتمع فى مسألة قبول و استحسان قيام بعض المتطوعين للتصدى للمتحرشين فى الوقت الذى رفضوا فيه و استهجنوا فكرة وجود من أسموا أنفسهم جماعة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر أقول لهم إن المجتمع لم يتعامل بإزدواجية بل انتم لم تحسنوا القياس
فالمسألة بالطبع مختلفة
الكاتب السياسى
أحمد غانم