لعله من المفيد و نحن نعيد قراءة تاريخ مصر - و الذى نرى بحق أنه بحاجة إلى إعادة الكتابة أولا- و لعل المسألة الخلافية الدائرة الآن بشأن الدستور و النسبة الخاصة بالعمال و الفلاحين و مسألة 23 يوليو و التى فى تقديرنا يجب ان تكون مناقشتها فى السياق التاريخى و المعرفى و فق أسس و مرتكزات منطقية لا على أسس أيديولوچية
فلنحاول التعرض للتاريخ من ناحية منطقية أو لنقل اقرب إلى المنطق , و موضوع 23 يوليو قد يحتاج للتعرض للكثير من المسائل السياسية و القانونية الكثيرة و لكن ليكن حديثنا الآن منصبا على مسألة نسبة الخمسين فى المائة عمال و فلاحين , و سوف نحاول مناقشتها من ناحية منطقة و سياسية و قانونية بحتة من واقع المنطق و بعيدا عن الموروثات و الشعارات التى حفظها البعض عن ظهر قلب دون محاولات جادة للفهم
فمسألة نسبة تمثيل العمال و الفلاحين بنسبة خمسين فى المئة
فمن حيث المبدأ أود ان أطرح سؤالا أعتقد انه لم يطرح من قبل فى هذه المسألة و أنا أدعى القول بأننى على يقين بأن الجميع بمن فيهم من يتمسكون بمسألة النسبة لا يعرفون إجابة السؤال و السؤال و هو
هل تم عمل احصاء لنسبة العمال و الفلاحين فى مصر قبل النص على نسبة التمثيل الخاصة للعمال و الفلاحين و اتضح انهم خمسون بالمائة من عدد الشعب المصرى و بالتالى تم النص على النسبة ؟؟؟؟؟؟؟؟
السؤال بمعنى آخر هل تم عمل احصائية اتضح من خلالها أن نسبة العمال و الفلاحين هى مساوية تماما لخمسين فى المئة و بالتالى و عليه فقد تم النص عليها
و هو سؤال جوهرى للعديد من الأسباب
فهناك حتمالان و هما
إما أن نسبة العمال و الفلاحين كانت أكثر من خمسين فى المئة و بالتالى فإن النص على نسبة الخمسين فى المئة هو ظلم للعمال و الفلاحين
و إما أنهم كانوا كانوا أقل من خمسين فى المئة من مجموع الشعب و بالتالى فإن النص على ان يُمثلوا بنسبة خمسين فى المئة هو ظلم لطوائف أخرى
و قد تثار هنا وجهة نظر قائلة بأن نسبة الخمسين فى المئة قد تم النص عليها كحد أدنى أى أنه من الممكن زيادتهم و هو ما يقودنا إلى سؤال أهم
لماذا إذن كانت نسبة الخمسين فى المئة تحديدا
الإجابة المنطقية أن اختيار نسبة الخمسين فى المئة كان اختيارا سياسيا و تم بحسابات سياسية و ليست اجتماعية أو ديموجرافية لأن الخمسين فى المئة فى مدلولها السياسى هى إمكانية تمرير القوانين أو القرارات - أى قانون فالبرلمان و المجالس النيابية لا تناقش فقط قوانين العمال و الفلاحين فالقوانين و حتى التى يتذمر منها من يدعون أنها كانت مجحفة بالعمال و الفلاحين هى قد صدرت بالفعل من برلمانات مكونة من مجالس تم تشكيلها على أساس نسبة التمثيل المشار إليها
و عموما نعود للنقطة الأساسية و هى المدلول السياسيى للنسبة فالنسبة كما قلنا لها مدلول سياسى لأن المدلول السياسيى لنسبة الخمسين فى المئة معناها الموافقة و تمرير القانون أو القرار .
و أستطيع أن أقول بكل تأكيد أن النسبة المشار إليها لم يكن لها بعد اجتماعى أو ديمجرافى بدليل أنها ظلت كما هى لعقود بنفس النسبة دونما التعرض أساسا لمسألة التركيبة الديمجرافية للشعب المصرى - فلم يتم التعرض أساسا للحديث الجدى عن مسألة هل نسب العمال و الفلاحين ظلت كما هى فقد تكون قلت أو زادت و بالتالى يجب أن تختلف معها طرديا نسبة التمثيل و هو ما لم يطرح أساسا على مدى عقود و هو ما يؤكد ما قلته و ما سقته و هو أن السبب فى المسألة هو سبب سياسى بحت و ليس اجتماعى أو ديموجرافى
الكاتب السياسى
أحمد غانم
موضوع: سلسلة تاريخ مصر الحديث - مقالة 
الجمعة نوفمبر 09, 2012 1:23 am